Red Art

مخاوف امرأة

مخاوف امرأة

سافرت ألمانيا وقد قررت – بعد تفكير طويل – العيش فيها والابتعاد عن وطني وأهلي و ذكرياتي، قررت تجاهل كل أحلامي الرومانسية  والتي لم تكن فقط لأجلي.

 كان لابد أن اختار ما بين أن أعيش أو لا أعيش رغم أن الحياه كالموت دون حلم….

كنت أخاف في بداية مجيئي لألمانيا أن أتأخر خارج المنزل من بعد العاشرة مساءًا، فقد كنت أخاف أن يتعرض لي متحرش، أو بعض أطفال الشوارع “اللي شدّين كلّه” أو أن يوقفني صاحب سلطة لديه شعور بالملل والفوقيه ليفرغ ما بقلبه الأسود في وجهي!

كنت أخاف كأي امرأة مصرية تم تدريبها جيدا على الخوف منذ طفولتها.

مرت الشهور وعرفت أن مخاوفي ليست إلاّ هم!

فلا يوجد متحرش ولا طفل شارع ولا صاحب سلطة يصول ويجول بالشوارع.

تعودتُ على برلين كما تعوّدت هي عليّ، فلم أعد ألحظ تخطي الساعة الثانية صباحًا وأنا أعمل بمكتبي، ولم أعد أفكر أو أقلق بشأن المواصلات التي غالبا ما تتأخر من بعد منتصف الليل، فأقرر الذهاب إلى منزلي سيرا على الأقدام.

فقد اكتشفت أنه لا يوجد ما أخاف منه بالشارع في أغلب الأحيان.

 و بالتالي… فقد توقفت عن النظر خلفي كلما سمعت صوتا خشنا، كما أني  لم أعد أحمل “شاكوشي”، فلا حاجة لي به.

فالإنسان في ألمانيا لا يٌسمح  العبث بأمنه أو كرامته، خصوصا لو كان امرأة.

فالشرطة الألمانية يقظة طوال اليوم لحماية المواطنين و المواطنات، فإذا ما أصاب أحد”و خصوصا المرأة” سوء،

مجرد 5 دقائق و تجد الشرطة برجالها و سيداتها أمامها لحمايتها. لا ينظرون إلى ساعة يدهم لمعرفة الوقت، ولا ينظرون إلى ملابسها ليقرروا من يستحق العقاب، الجاني… أم المرأة.

فالشرطة في ألمانيا قد درست القانون بمعهد الشرطة ولم تدرسه بالكنيسة أو الجامع!

أنني أحدثكم الآن وأنا أشعر بالأمان، ولكني قريبًا سأعود لبلدي، سأعود لمن احتلت صورتها قلبي، سأعود لمن رفضت حبي، ورغم ذلك لم أكرهها،  فهي كالأم – وأن كانت عاقة- فلا سبيل إلا الدعاء لها وتحمّل قسوتها و ظلمها….

سأعود للخوف، الخوف من كل ما فيها ومن فيها، فالكراهية ضد المرأة تزداد يومًا بعد يوم، تؤججها بعض المؤسسات و يؤججها بعض الرجال ذو المصالح، وماذا تفعل المرأة أمام كل هذا؟  لا شيء!

إنها تواجه الاعتداءات النفسية و الجسدية بذل و سلبية….

إن مصر لن ينصلح حالها حقا إلا إذا تم احترام المرأة واختفت كل أشكال العنصرية والتطاول عليها.

وأنت يا سيدتي…ألا ترين أنها معركتك؟ ألا يجب أن تخوضيها بشجاعة؟ على الأقل من أجل حياه أرقى و أسعد لبناتك وحفيداتك.

أنهضي يا سيدتي من خذلانك و ارفعي صوتك!

قولي” لا” لكل من يهينك و يحقّر من شأنك!

اخبريه أنك  حفيده ملكات حكمن البلاد وأحدثّن رخاء ليصنعن حضارة لا تزل البشرية تفخر بها.

شدّي قامتك وارفعي رأسك، فلم يخلقك الله ذليلة، وأنما خلقك حره وقد سخّر لك كل ما في الأرض ونصّبك خليفة له، فلا تجحدي نعمه و لا  ترضي بما دونها…

رانيا رفعت