جاء النبي محمد (ص) ليتمم مكارم الأخلاق، وجاء الإسلام ليكون دين للحياه وللآخره معا …
فكان للعقل مكانة خاصة “أفلا يعقلون” كما كان للمشاعرواحترام الأحرين منزلة عظمى، فقال النبي الكريم ” والذي نفسي بيده لا يسلم عبد حتى يسلم الناس من قلبه ولسانه ويده “
وللحريات أيضا مكانتها في الإسلام بدءًا من حرية التفكير والتعبير إلى حرية الإيمان “من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”
إذن… هو دين واقعي يخاطب العقل والقلب معا، دين نظّم علاقة البشر بعضهم ببعض على أساس من الحب والاحترام…
فما الذي حدث؟
حدث أن قام رجال الدين بوضع فقههم و فقهائهم في منزلة أعلى من النص القرآني والحديث الشريف!
حدث أن اصبح كلام أى رجل بلحية وجلباب هو أمر الهى لا يُناقش !
حدث أن أصبح إمام الجامع هو البلطجى الشرعي لكل منطقة …فهو وحده له الحق في قطع الطريق للصلاة
حتى لو كانت الجوامع القريبة غير ممتلئة…
هو وحده الذي له الحق في فتح مكبرات الصوت لإذاعة قرآن أو القيام بالصلاة كاملة، دون أى مراعاة لنائم أو مريض أو رضيع.
دون أى احترام لوقت الآخرين الذي يضيع هباءًا نتيجة لفقدان الهدوء والقدرة على التركيز للقيام بما يخصهم من أعمال، وكأن من بالبيت سوف يأخذ ثواب صلاة من بالجامع!
بل ويتفنن أئمة الجوامع في اختيار أماكن الميكروفونات … فإن كان هناك مسيحيون بالمنطقة فبالطبع بلكوناتهم هي أنسب مكان للميكروفون وبين كل جامع وجامع … جامع!
فلابد أن تتوقف حياه البشر قبل الأذان لسماع القرآن ثم خلال الصلاة والتي من طولها قد تسبب للمصلين آلام بالساقين
ولا مانع من خطبة مفاجئة في العصر مثلا مادام مزاج الإمام تمام ولدية رغبة في الكلام !
وبما أن إمام الجامع هو كبير المنطقة وبما أنه البلطجى الأعظم فلابد أن يتخذه الآخرون قدوة وبالتالى… فمن حق أي شخص قطع الطريق لإقامة فرح بلدى أو مأتم!
من حق أى شخص فتح مكبر صوت لإذاعة ما يحلو له!
من حق أي إنسان أن يضرب كلاكس السيارة دون توقف!
من حق أي إنسان إفساد يوم وحياة الآخرون بقلب مطمئن مؤمن.
لقد صارت الضوضاء أسلوب حياه، فتحطمت الأعصاب … وانتشرت الأمراض …وتبلّد الإحساس…
وفقدنا القدرة على التمييز بين الخطأ والصواب، بين القبح والجمال …
وما بين صراخ شيخ وأغانٍ سوداء، تساوت الشريفات بالعاهرات…
فقد بات الكل سواء وابتلعت الضوضاء العقل والحكمة … ابتلعت الرقة والأخلاق، وصار الشعب شيئا فشيئا مجرد مجموعة من الكائنات…تبصق! تتبول! تتبجح وتفعل ما تشاء!
لقد باتت الحياه في مصر… حقا سوداء!
فأين القانون من هذا الجنون؟ وأين وزارة الأوقاف من اعتداء أئمة الجوامع؟
والى متى سيصمت المجتمع على هذه البلطجة المتسترة باسم الدين أو باسم الزواج أو حتى الوفاة؟
متى سنصبح شعب كبقية الشعوب، يحترم الوقت … يحترم الهدوء… يحترم الخصوصية…يحترم الحق في الحياه …متى؟؟؟؟؟؟
رانيا رفعت